"عالم ذرات".. ولكن ليس على طريقة مسرحية "المتزوجون !!
أطلقت هيئة الطاقة الذرية، برنامجا تدريبيا متخصصا يتضمن التعليم النظري والتطبيقي لطلاب السنة الدراسية الأخيرة في قسم الإلكترونيات بالمدرسة الفنية لتكنولوجيا الطاقة النووية في مدينة الضبعة، ويهدف البرنامج إلى تدريب الكوادر الفنية؛ استعدادا لإشراكهم في تنفيذ البرنامج النووي المصري.
وقالت الخبيرة المصرىة في مجال الطاقة النووية د. نورا حسن، استاذ الفيزياء والمفاعلات النووية، قسم هندسة محطات الطاقة النووية كلية الهندسة الجامعة المصرية الروسية إن مصر بدأت فعليا في تحقيق حلمها الذي تأخر لمدة حوالي نصف قرن ببناء محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية، وتشهد محافظة مطروح المطلة على ساحل البحر المتوسط عمليات البناء الأساسية في موقع محطة الضبعة الكهروذرية التي ستضم 4 مفاعلات من نوع VVER-1200، وتتولى شركة روساتوم الحكومية الروسية مهمة إنشاء المحطة.
وتستمر كليات العلوم والهندسة في العديد من الجامعات المصرية في تخريج العلماء والمتخصصين في مجال الفيزياء والطاقة النووية الذين سيجدون أخيرًا فرص عمل في مجال دراستهم. والمؤكد أن محطة الضبعة للطاقة النووية ستوفر فرص عمل جديدة وغير مسبوقة للشباب المصري في مجال الطاقة النووية. ولكن فرص العمل هذه ليست قاصرة على "عالم الذرة" فقط، حيث سيُخلق العديد من الوظائف في المجالات المتصلة.
بحسب ما ذكره التقرير الرابطة النووية العالمية (WNA) الصادر مؤخرا تحت عنوان "التوظيف في قطاعي توليد الكهرباء النووية وطاقة الرياح - دراسة مقارنة"، فإن فرص العمل في قطاع الطاقة النووية أكبر بنسبة 25% عن مقارنة بمجال توليد الكهرباء من طاقة الرياح.
وتصف الدراسات الإحصائية الأمريكية الرسمية صناعة الطاقة النووية بأنها "محرك قوي لخلق فرص العمل". كما أشار معهد الطاقة النووية المختص في تجارة الصناعة النووية بالولايات المتحدة الأمريكية (NEI) إلى أن قطاع الطاقة النووية الأمريكي يوظف، بشكل مباشر، ما يقرب من مئة ألف شخص في وظائف عالية الجودة وطويلة الأجل.
ويرتفع هذا الرقم إلى 475 ألف شخص، عندما نقوم بتضمين الوظائف الثانوية. وأكد المعهد الأمريكي إلى أن كل محطة للطاقة النووية توظف ما بين 500 و800 عامل، بالإضافة إلى أنه مقابل كل 100 وظيفة في محطات الطاقة النووية، يتم إنشاء 66 وظيفة أخرى في المجتمع المحلي.
وعن الوظائف التي يمكن أن توفرها محطة الطاقة النووية، أكدت الخبيرة المصرية فى مجال الطاقة النووية أن هناك العديد من الوظائف التي لها علاقة مباشرة بتشغيل المفاعلات النووية وصيانتها مثل علماء ومهندسي توليد الطاقة النووية ومصممو المحطات النووية ومشغلو لوحة التحكم في المحطة وهي من أهم المهن في الصناعة النوویة، لأنها تتعلق بضمان سلامة المحطة. كذلك هناك مهندسو وعمال تصنيع وتجمیع الأجزاء المنفصلة للمفاعل النووي ومهندسو وفنيو الكهرباء وبناة المحطات النووية الذين يمكن أن يبلغ عددهم خلال عملية البناء، 7000 شخص من 25 تخصصا مختلفا.
وأشارت د.نورا حسن الى أنه في ذروة الأعمال الإنشائية في موقع محطة الضبعة النووية سيبلغ العدد الإجمالي للعاملين في البناء والتركيب نحو 25000 شخص، بمن فيهم أكثر من 11000 عامل مؤهل، في حين ستبلغ نسبة العاملين من الكوادر المحلية المصرية في مرحلة البناء والتشييد 70%.
وتتعدى الوظائف التي ليست لها علاقة مباشرة بالمحطات النووية، ولكنها ترتبط بالصناعة النووية. وفقا للإحصاءات، فإن وظيفة واحدة تولد أثناء إنشاء محطة للطاقة النووية أكثر من 10 فرص عمل إضافية في الصناعات المتصلة بما في ذلك في قطاعات البناء والنقل والبنية التحتية.
وتابعت: بالإضافة إلى ذلك، يسهم تطوير البرنامج النووي الوطني في التوسع باستخدام التقنيات النووية للأغراض العلمية البحثية. على سبيل المثال، يشمل هذا المجال علماء الهندسة الجينية العاملون على تحسين أنواع نباتية حالية أو تربية أنواع جديدة باستخدام التكنولوجيات النووية لزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية.
وفي مجال الطب النووي، أوضحت د. نورا حسن، أستاذ الفيزياء والمفاعلات النووية، قسم هندسة محطات الطاقة النووية كلية الهندسة الجامعة المصرية الروسية أن المواد المشعة تُستخدم للكشف عن الأمراض وعلاجها بواسطة الأطباء الذين يتولون التشخیص وتحديد العلاج باستخدام المستحضرات الطبیة المشعة. ويقوم الفیزیائي الطبي بقياس جرعة إشعاع علاجیة، بينما يمارس أخصائي الأشعة العلاج بالإشعاعات ويتعامل أخصائي الكيمياء الإشعاعیة مع الأدویة الإشعاعیة.
وأشارت الى انه لا بد من ذكر تخصصات أخرى منها الجيولوجيا والعمل في المناجم، للبحث عن رواسب الیورانیوم واستخراجه لإنتاج الوقود النووي لاحقا، وإلى جانب ذلك تحتاج الصناعة النووية إلى المئات من الإداريين والسائقين والمحاسبين وعمال شركات التوريد المختلفة وغيرها العشرات من المهن التي تفتح الباب أمام الشباب لحياة مستقرة وجيدة.
وتضرب الخبيرة المصرية فى مجال الطاقة النووية مثالا لهذا المشهد، قائلا باتت المسرحية الكوميدية "المتزوجون" عملا فنيا أسطوريا في أرشيف المسرح الكوميدي المصري يطرح العديد من مشكلات المجتمع مثل الفوارق الطبقية وتدهور الأحوال الاقتصادية في البلاد والصراع بين الجنسين في مشهد عبقري بمسرحية "المتزوجون" وقف سمير غانم وجورج سيدهم يشرحان للفنانة شيرين أسباب عملهم في مصلحة المجاري.
كان جورج سيدهم يؤدي في المسرحية دور حنفي، وبتلقائية جميلة قام سمير غانم بتقديم صديق عمره لزوجته بنت الأثرياء بأنه "حنفي عالم ذرات".. بهذه الكلمات البسيطة لخص سمير غانم وجورج سيدهم أزمة توظيف الخرجيين في غير تخصصهم الدراسي، والتي كانت مشكلة هائلة في أواخر السبعينيات من القرن الماضي.. فنجد أن حنفي خريج كلية العلوم قسم ذرة، تم تعيينه في مصلحة المجاري، وهو يبرر هذه المأساة لزوجة صديقه وزميله في المصلحة، بعبارة انتشرت بين الجمهور لتصبح لاحقا مثلا يتناقله الناس: "كله ذرات"!.